الميكروبيوم البشري ما هو ؟ وما هي أهميته؟

الميكروبيوم البشري

الميكروبيوم البشري تقريبًا لا يوجد كائن حي لا يعيش في علاقة تكافلية مع كائن حي آخر، والميكروبيوم البشري هو مثال غير مباشر لهذه العلاقة. العلاقة التكافلية تعني أن يعيش كائنين حيين معًا بشكلٍ مباشر ويتبادلوا المنفعة فيما بينهم. هل كنت تتخيل أن أنواعًا عديدة من البكتيريا تعيش في كل خلية من خلايا جسمك؟! وأن بدونها قد تخسر حياتك ذاتها!

ما هو الميكروبيوم البشري (Human Microbiome)؟

الميكروبيوم البشري

الميكروبيوم البشري

  • يحتوي الجسم البشري _في داخله وكذلك خارجه_ على مجموعة ضخمة من الكائنات المجهرية.
  • البكتيريا تمثل أكبر عدد من هذه الكائنات في الجسم البشري، لكنه يحتوي كذلك على كائنات وحيدة الخلية مثل الفيروسات وكذلك الفطريات.
  • هذه الكائنات المجهرية مجتمعة تمثل الميكروبيوم البشري.
  • وبمعنى آخر فإن الميكروبيوم البشري هو كل الجينات التي تحتويها الكائنات الحية الدقيقة الخاصة بك .
  • بعض هذه الكائنات ضارة تسبب الأمراض، وبعضها يصبح ضار فقط عند تغير مكانه أو زيادة عدده بشكلٍ مبالغ فيه، وبعضها مفيد جدًا للجسم.

فوائد الميكروبيوم لجسم الإنسان 

وجود هذه الكائنات المجهرية ليس اعتباطًا، لكنه نظام دقيق ومهم مثله مثل الجهاز الهضمي أو التنفسي.

1. برمجة الجهاز المناعي

  • هذا الدور هو الأكثر أهمية وشيوعًا من بين فوائد الميكروبيوم.
  • من دون هذه البرمجة يصبح الجهاز المناعي هش، ويصبح الجسم كذلك عرضة لأبسط الكائنات تفعل به ما تشاء.

2. تكسير مجموعة السكريات الموجودة في لبن الأم.

  • لا يستطيع الجهاز الهضمي للطفل تكسير هذه السكريات للاستفادة منها.
  • يقوم الميكروبيوم الخاص بالطفل بتكسيرها؛ وذلك حتى يستطيع الطفل الاستفادة منها وامتصاصها لبناء جسمه.

3. توفير العناصر الغذائية لخلايانا.

  • تقوم ميكروبات الأمعاء بعملية تخمير لبعض المواد التي يصعب هضمها مثل الألياف.
  • هذه العملية تحفز نمو نوع متخصص من الميكروبات والذي   ينتج بدوره عدة أحماض أمينية ذات سلاسل كربونية قصيرة (SCFAs).
  • معظم الأحماض المنتجة هي البيوتيريت(butyrate)، أسيتات(acetate)، وكذلك بروبيونات(propionate).
  • حمض البيوتيريت هو المصدر الرئيسي للطاقة في خلايا القولون.
  • البروبيونات يتم نقلها إلى الكبد حيث تلعب دورًا في إتمام العديد من العمليات الحيوية.
  • الأسيتات هو الحمض الأكثر إنتاجًا وهو مستقلب أساسي لنمو الأنواع الأخرى من البكتيريا. كذلك من أكثر استخداماته أهمية في الجسم هي عملية تكسير الدهون.

4. تنظيم هرمونات الأمعاء. 

علاقة الميكروبيوم البشري بالسمنة!

  • الميكروبيوم البشري له دور في حدوث وتطور حالات السمنة عند البشر.
  • في دراسة عند تلقي فئران التجارب الميكروبات البشرية من شخص مصاب بالسمنة، لم يمض وقت طويل حتى أصبحت الفئران سمينة بدورها.
  • أما الفئران التي تلقت الميكروبات من بشر لهم أوزان طبيعية لم يصابوا بالسمنة.
  • بحث العلماء خلف هذا الأمر فوجدوا أن المصاب بالسمنة يعاني في الغالب من قلة عدد جينات الميكروبيوم البشري، وكذلك انخفاض في تنوعه وتوزيعه وتوازنه الطبيعي في الجسم.
  • قلة عدد جينات الميكروبيوم البشري وكذلك السمنة يرتبطان بالعديد من المشكلات الصحية مثل خلل في الجهاز المناعي، اضطرابات في تنظيم الطاقة، وكذلك في تنظيم هرمونات الأمعاء.
  • كذلك يصبح الجسم عرضة للعديد من أنواع الالتهابات.

تنوع الميكروبات الدقيقة (الميكروبيوم) في الجسم وعلاقته بصحة الإنسان

الميكروبيوم البشري

الميكروبيوم البشري

 

يبدو الأمر وكأن الميكربيوم أحد أجهزة الجسم البشري التي يحتاجها الإنسان لحفظ توازنه وصحته. وكأي جهاز في الجسم عند حدوث خلل ما فإن النتيجة تكون سلبية.

Advertisements

لوحظ قلة تنوع الميكروبات الصديقة داخل جسم الإنسان في العديد من الحالات المرضية مثل:

  • التهابات القولون.
  • الصدفية.
  • كذلك الإكزيما الاستشرائية
  • مرض السكر.
  • التهاب المفاصل.
  • كذلك اضطرابات الجهاز الهضمي.
  • السمنة.
  • تصلب الشرايين.
  • كذلك فإن المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة، وكذلك ذوي الأمراض المزمنة حدوث خلل في نظام الميكروبات داخل الجسم يمثل كارثة حقيقية لحياتهم!

تشير العلاقة بين انخفاض تنوع الميكروبيوم وزيادة احتمالية الإصابة بالأمراض إلى أن الأمعاء التي تحوي وفرة من هذه الكائنات الدقيقة هي الأقوى، والأكثر صمودًا كذلك أمام الأمراض المتنوعة.

تأثير الأطعمة والأدوية المختلفة على الميكروبيوم البشري

أنواع معينة من الأطعمة وكذلك من الأدوية يمكن أن تؤثر بشكلٍ سلبي على ميكروبات الجهاز الهضمي، وبالتالي تؤثر على صحة الإنسان.

بعض أنواع الأطعمة التي قد تؤثر على الميكروبيوم مثل:

1.المحليات التي تستخدم كبديل للسكر

  • تمتلك هذه المحليات في الغالب مذاقًا سكريًا أكثر من سكر المائدة عدة مرات لكنها خالية أو شبه خالية من السعرات الحرارية.
  • قد تمتلك هذه المحليات تأثيرًا سلبيًا على ميكروبات الجهاز الهضمي مثل بديل السكر الأسبارتيم، السكرلوز، وكذلك السكرين.
  • وجد من خلال التجارب المعملية على الفئران أن كل هذه الأنواع السابقة قد تتسبب في اضطراب وكذلك نقص تنوع الميكروبيوم بداخل الأمعاء.

2. إضافات الطعام (food additives)

  • الإضافات على الأطعمة المغلفة، وكذلك الإضافات التي أصبحت جزءًا أساسيًا من المطابخ مثل المستحلبات التي تستخدم في العديد من الوصفات.
  • وجد أن هذه الإضافات تسبب قلة تنوع الميكروبات في حيوانات التجارب.
  • الفئران التي تم إطعامها نوعين شهيرين من هذه المستحلبات (carbxymethylcellulose , polysorbate)  لوحظ تناقص في التنوع الميكروبي مقارنة بالفئران التي لم تتناولها.

3. بعض الأنظمة الغذائية الحديثة.

ظهرت العديد من الحميات الغذائية حديثًا، ووجدت طريقها بين العديد من الناس لدرجة التعصب في بعض الأحيان. فكيف تؤثر هذه الحميات على الميكروبيوم البشري؟

النباتيين أو الفيجن (vegan) :

  • اعتمد بعض الأشخاص حمية تعتمد على المنتجات النباتية فقط باعتبارها الأكثر صحة، وكذلك لاعتراض بعضهم على فكرة ذبح الحيوانات!
  • في تجربة محدودة على 10 أشخاص لا يتبعون الحمية النباتية تم اختيارهم بشكل عشوائي. قُدمت لهم وجبات عالية الألياف ومنخفضة الدهن لفترة، ثم وجبات عالية الدهن ومنخفضة الألياف لفترة.
  • لم يُلاحظ فرق كبير في توزيع الميكروبات في الجسم خلال هذه الفترة أو تلك.
  • بالرغم من ذلك مازال النظام النباتي يمتلك العديد من المساوئ لكن لا مجال لذكرها هنا.

النظام الغذائي الخالي من الغلوتين (Gluten_free_diet):

  • في عدة تجارب مختبرية على حيوانات المعامل وُجد أن الخبز الخالي من الغلوتين يتسبب في تناقص توزيع الميكروبيوم.
  • لكن رغم ذلك يفرض هذا النظام الغذائي نفسه على البعض ممن يعانون من حساسية تجاه مادة الغلوتين.
  • أما بالنسبة لمن يتجنب الغلوتين دون اضطرار لذلك فقد وضحت إحدى الدراسات الحديثة زيادة معدل الإصابة بأمراض القلب بين من يتجنبون أطعمة الغلوتين بشكلٍ كامل.

بالإضافة إلى الأنظمة الغذائية توجد بعض الأدوية تؤثر كذلك على توزيع وتنوع الميكروبيوم البشري في الجسم مثل:

1. مثبطات مضخة البروتون (proton_pump_ inhibitors) :

  • مثبطات مضخة البروتون مثل الأوميبرازول، البانتوبرازول، وكذلك لانزوبرازول وغيرهم.
  • تستخدم هذه الأدوية بكثرة في علاج قرح المعدة، وكذلك حالات ارتجاع المرئ، وكذلك زيادة الحمض بإفراط.
  • وجدت بعض الدراسات تأثيرًا ضخمًا على الميكروبيوم عند الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية.

2. البروجستيرون، ملينات البطن الأسموزية، روباتادين (rupatadine)، وكذلك مثبطات عامل نخر الورم ألفا (TNF_alpha inhibitors).

  • أظهرت دراسة هولندية بلجيكية أن هذه الأدوية من أكبر العوامل المؤثرة على تنوع الميكروبيوم في الجسم.

3. المضادات الحيوية (Antibiotics)

  • تمتلك المضادات الحيوية تأثيرًا مباشرًا على ميكروبات الأمعاء؛ لذا يستخدمها مربو الماشية في تسمين الأبقار.
  • جرعة بسيطة من المضادات الحيوية كافية لزيادة وزن وتسمين الأبقار .
  • أشارت العديد من الدراسات على القوارض إلى التأثير المسبب للسمنة لدى البشر بسبب استخدام المضادات الحيوية.
  • لكن على أرض الواقع  تأثير المضادات الحيوية على البشر متباين للغاية، ولا يخضع لقواعد بعينها. لكن يبقى تأثير المضادات الحيوية على الميكروبيوم معروف الأثر وموثق.
  • كلوستيريديوم ديفيسيل (clostiridium difficile) من أمثلة البكتيريا الموجودة في الأمعاء. يعيش البعض معها دون أي مشكلات، بينما يعاني البعض من الإسهال الشديد الذي تتسبب فيه سموم هذه البكتيريا عند زيادة عددها بسبب نقص عدد البكتيريا النافعة في الأمعاء.
  • أشهر أسباب نقص عدد البكتيريا النافعة مما يعطي الفرصة للكلوستيريديوم للتكاثر هو استخدام المضادات الحيوية بشكلٍ خاطئ.

كيفية مضاعفة أعداد الميكربيوم البشري بواسطة الطعام

يمكن ملاحظة التغيير في الميكربيوم خلال أيام قليلة من تغيير النظام الغذائي.

يمكن تقسيم الأطعمة ذات التأثير على الميكروبيوم إلى نوعين كالتالي:

1. البريبايوتيك(Prebiotics)

  • نوع من الألياف الغذائية يعرف بأنه نوع من الكربوهيدرات القابلة للأكل ، لكنها مقاومة للإنزيمات الهضمية فلا يحدث لها تكسر أو تحلل في الأمعاءالدقيقة.
  • لكن تكمن فائدة هذا النوع من الكربوهيدرات في قدرة ميكروبات الأمعاء على استخلاص الطاقة منها.
  • ينتج عن هذه العملية العديد من النواتج الثانوية ذات الأهمية الكبيرة للإنسان، مثل البيوتيريت (butyrate ) الذي يعتبر أحد مصادر الطاقة الرئيسية في القولون.
  • تعرف هذه الأنواع من الكربوهيدرات باسم البريبايوتيك.
  • البريبايوتيك هي نوع من الغذاء الغير قابل للهضم بواسطة جسم الإنسان، لكنها تمثل مصدر طاقة لميكروبات القولون الصديقة للإنسان.
  • من أمثلة البريبايوتيك: الموز، التفاح، الثوم، البصل، نبات الهليون، الشعير، وكذلك الشوفان، الكاكاو، البطاطا، بذور الكتان، نخالة القمح، وكذلك الأعشاب البحرية. 

2. البروبيوتيك (probiotics)

  • عبارة عن ميكروبات دقيقة حية عند الحصول على كميات مناسبة منها يحصل العائل على العديد من الفوائد الصحية.
  • توجد ميكروبات البروبيوتيك في العديد من أنواع الأطعمة، وكذلك على هيئة مكملات غذائية.
  • أكثر أنواع البروبيوتيك انتشارًا من نوعي اللاكتوباسيلس، وكذلك البيفيدوبكتيريا.
  • توجد البروبيوتيك بشكل خاص في الأطعمة المخمرة مثل مخلل الملفوف، الكيمتشي، التمبيه، وكذلك اللبن الرايب. 
  • أشارت العديد من الدراسات على تحسن عدة حالات صحية عند تضمين البروبيوتيك في الخطة العلاجية المتبعة.

الخلاصة

  • الميكروبيوم البشري هو الجهاز الخفي الغير مصنف ضمن الأجهزة الحيوية لجسم الإنسان، لكنه يلعب دورًا هائلًا للمحافظة على صحة الإنسان، بل وحياته أحيانًا.
  • الخلل في هذا النظام الدقيق قد يهدد حياة الإنسان؛ لذا فالتوازن مطلوب في كل شئ.

Advertisements